آخر الأخبار
العم د.جاسم المديرس: «كلات التمر» أشبعت المهاجرين سنة المجاعة
Friday, September 8, 2017
العم د.جاسم المديرس: «كلات التمر» أشبعت المهاجرين سنة المجاعة

أجرى الحوار جاسم عباس |

 

حدثنا د. جاسم محمد حمد المديرس، تخصص فيزياء نووية (بكالوريوس)، ودكتوراه في مراقبة الجودة والوقاية من الولايات المتحدة الأميركية ، عن النخلة المباركة ، التي عرفها الإنسان منذ خمسة آلاف سنة، أعطتنا الثمار والوقود والعلاج والأواني ، وبنينا بيوتنا منها، ومنها المفروشات، وهي من المصادر الأساسية لاقتصادنا ، بدأ حديثه ببعض من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.


قال: في سورة مريم (25) قال تعالى : « وهُزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رُطباً جنيا».
وفي الحديث الشريف قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، « بيتٌ لا تمر فيه جياع أهله » ، وفي رواية : « لا يجوع أهل بيت عندهم التمر ». وهناك أمثال شعبية مثل : « النخلة عطها تعطيك » ..

تستاهل المبروكة


وقال د.المديرس: أنا من محبي النخيل وعشاقها، بدأت معها عام 1975، اشتريت 15 نخلة، ولم أنجح إلا في اثنتين، تألمت كثيرا، ذهبت إلى البصرة ، اشتريت كمية من الفروخ (فسيل النخل) بعد اجتثاثها من النخلة وزرعتها، من النوع المسمى « زهدي »، ولم تبق عندي إلا 3 فسائل، وبدأت أسأل وأستفسر، بدأت اتصالاتي بأميركا في المعهد الأميركي للتمور، تأسس عام 1924، وفي عام 1970 أغلق المعهد. اتصلت بدكتور وبرفيسور لي معه معرفة سابقة، أجابني أن الكتب والوثائق احترقت، وفي الكويت يوجد شخص سوداني يعمل في الهيئة العامة للزراعة عنده بعض منها، حصلت عنده على أوراق متفرقة كانت مهمة وثمينة بالنسبة لي، وأرسل لي من أميركا البروفيسور أيضاً بعضاً منها، حصلت على معلومات غزيرة، من هنا بدأت أكتب وأصور، أصبح مشروعي هو النخلة ومشتقاتها، ومنذ نصف قرن أنا معها وقريب منها، وتجولت بين الإحساء والقصيم والبحرين، عرفت أن هناك مئات من أصناف التمور، وعرفت فوائدها من سعفها وجذوعها وعذوقها وثمارها، حتى أصدرت أكثر من 7 كتب عن النخيل والعناية بها، ووزعت كمية لا بأس منها على مستوى الخليج، وعرفت الكثير عن النخلة وشوكها وجذعها وكربها وسعفها وقمتها وجمارها، وحتى النواة والجنين والشق بين النواة، أصبحت مرجعا للنخيل وعرفت أن في الكويت 18 صنفا من التمور.


أضاف : النخلة تستاهل، تعطي التمر من أكثر الثمار تغذية للجسم، ومقو للكبد وملين للطبع، ويبرئ من خشونة الحلق، ويقتل الدود، ومقو للعضلات والأعصاب ومرمم، ونواته بديلا عن البن، ومنه الدبس، وزيت النخيل.

فترات التمر


قال المديرس : من بداية ظهور الطلع (ثمر النخلة في المرحلة الأولى) إلى نهاية جني التمر، تكون الفترة 180 يوما ، والفترة الثانية ستة شهور أخرى بداية نمو للنخلة ، أي استمرارية الحياة، والحصول على الثمار، هنا علينا أن نخفف من أعداد العذوق (جمع العذق) حامل البلح أو الرطب ، حتى لا تعجز من الثقل، وهذه العملية تسمى «الخف» الأول ، والخف الثاني أن نزيل من العثق بعض الشماريخ (جمع شمروخ) وهو الغصن الذي تتدلى منه الثمار، والفائدة من تقليل العذوق حتى تكبر حبات الثمار فيصلها الماء والغذاء ، ويكبر حجم البلح، يصل سعر الكيلو غرام 5 إلى 6 دنانير، وفي حالة الخف يبقى في الشمروخ الواحد من 10 إلى 15 ثمرة بلح، وأقترح أن يكون في العثق الواحد 60 شمروخا، وفي كل شمروخ 12 خلالة (بلح)، بمعنى أنك ستحصل على 720 حبة بلح، بمعدل 14 كلغ في العثق الواحد.


وقال: تمرُ التمرة بمراحل بعد التلقيح حوالي خمس أطوار، أولا: الطلع أو ظهوره من التمر من التلقيح تمتد من 4 إلى 5 أسابيع.


ثانيا : الخلال وهو ثاني طور من نمو التمرة، ويصبح لونه أخضر.


ثالثا: البسر وهو بطيء في الطور، ويتغير لونه إلى الأصفر أو الأحمر أو الأشقر لمدة 3 ــ 5 أسابيع.


رابعا: الرُطب يبدأ من الأسفل، أي ذنب البلح، ثم يتصاعد إلى الخلالة كلها من 2 ــ 4 أسابيع.


خامسا: التمر هو الطور النهائي للثمرة، فيكون لون الثمرة قاتمة وتتجمد القشرة.

النخل في الكويت


قال المديريس: الكويتيون يعرفون التمر وأصنافه منذ القديم ، ولكن زراعة النخل تأخرت لندرة الماء، وعدم خصوبة الأرض إلا في مزارع الجهراء، وكان النوع المزروع «سعمران»، والعراقيون يسمونه «أسطى عمران» ، وساير بمعنى من سائر التمور، ونوع «غيباني» كنا نستورده من المزارع المملوكة للآباء والأجداد في العراق، فكانت مساحات شاسعة مزروعة بالنخيل، وتقدر بأكثر من مليون نخلة، آباؤنا عمروا منطقة الفاو بالنخيل، وأحيوا أرضها الخالية، فكانت أغلب التمور ومشتقات النخل تحمل من الفاو والبصرة إلى الهند من مزارعنا بواسطة السفن، وجزء قليل جداً يباع في أسواق الكويت للاستهلاك المحلي لقلة عدد السكان، وبعض مزارع الكويت كانت تنتج «النقصة» توزع على الأقارب.


أضاف: كانت التمور توضع في «كَلات» (جمع كَله) أو قلة كيس من الخوص، ثم يغلق بحبل من الخوص أيضا، ويوضع التمر أيضاً في تنكات عبارة عن صفيحة، الواحدة تسمى «تنكة»، وكانت تستعمل لجلب الكاز، ونقل الماء ، وأيضا كان التمر يوضع في جلود الغنم، الواحد يسمى «قربة» أو جربة، وكانت أيضا تتخذ لنقل الماء بواسطة الجمال والحمير ، وأتذكر نخلة واحدة في فريج «المديرس» ، بالقرب من غرفة تجارة وصناعة الكويت (المبنى القديم) ، وهذه النخلة من نوع البريم زرعت عام 1920.

التمر الكويتي ملاذ


وقال: كان الأولون يعتمدون على التمر في غذائهم، لأنه مقو للعضلات والأعصاب ومشبع، وقيمته الغذائية تضارع اللحوم والأسماك، ويفيد الكبار والصغار والعمال والرياضيين، وكانت الكويت ملاذا في سنوات المجاعة والهجرات، التي حصلت في المناطق القريبة، كانوا يبحثون عن التمر فقط، فيجدونه في الكويت، لأنه غذاء ودواء، ومنه الخل والزيت والبن والسكر، ومنه الرشاقة والقوة، دور كبير للتمر كغذاء رئيسي، فلذلك التف الإنسان حوله، ولم تجد مع المقاتل والمهاجر والمريض سوى بضع تمرات، وعلى هذا الأساس ينصح الأطباء الصائمين، الذين يؤثر فيهم الصيام ، بتناول التمر، لأنه غني بالسكاكر الطبيعية.
أضاف: الأولون يقتصر إفطارهم على بضع تمرات وجرعة من الماء يسد حاجة جسمه من الغذاء، وهؤلاء الذين هاجروا إلى الكويت بسبب المجاعة، وجدوا من يمد أجسامهم بوافر من السكر، وتعود إليهم قواهم، ونحن نأخذ نصائح الأطباء أن العبرة ليست بالتغذية وكميات الأكل، فرب وجبة تحوي على المواد السكرية ، كالتمر، يحصل الصائم على الصحة الجيدة، ففي وجبتك الرمضانية اجعل التمر ملاذا لك، ولا يسيء إلى المعدة والكبد، وكما ذكر في القديم أن العنب (الكشمش) والتين والتمر والعناب ملطف للجهاز التنفسي خاصة، ولأجهزة الجسم عامة، فالتمر الكويتي وتمور أخرى كنوز طبيعية ومنجم عظيم رزقنا الله تعالى، فاكهة احفظها في العلب والقرب والخوص والورق.

أجود التمور


قال: لا نستطيع أن نقول هذا النوع أفضل من الآخر، الناس أذواق، كل واحد منا يرغب بنوع يجده أطعم وألذ، ولكل منطقة أو دولة تشتهر بنوع ما، فأهل الكويت يحبون البرحي، خلاله ورطبه، حلو المذاق، يفرز تمر البرحي عسلا (الدبس)، علما أن هناك أصنافاً كثيرة مزروعة في الكويت منها : بريم ، خلاص ، فرسي ، هلالي ، جوزي ، خبيزي ، أم الدهن ، سكري .. إلخ .


أضاف: أهل الإحساء يحبون الإخلاص، والقصيم يرغبون بنوع السكري ونبتة راشد ونبتة عيد، ولا يرغبون البرحي، والعراقيون من عشاق الحلاوي والبرحي، وأرض العراق فيها 600 صنف ، والمملكة العربية السعودية فيها أكثر من 650 صنفاً من النخيل، وتونس والجزائر والمغرب أصنافها : دقلة نور، دقلة بيضة ، فطيمي، مجهول، كنته ، عجوة.


والسودانيون أصنافهم: البركاوي، الجونديلا، نبتموده، وفي الولايات المتحدة الأميركية أصنافها: دقلة النور، حلاوي ، البرحي ، الديري ، خضراوي ، مجهول ، نوري ، زهوي .

التمر للتأديب


قال المديرس: عندما توضع كلات التمر في المخزن يخرج من بين هذه الكلات عصارة التمر وهو الدبس مغطى الأضية ولتأديب المخالف على القانون يوضع في مخزن الدبس لا يستطيع المشي أو الحركة، إذا جلس غير قادر على الوقوف والعكس، فيعتبر عصارة التمر سجنا للمخالفين.


أضاف : علماً بأن عصارته (دبس) يشبه العسل يطبخ مع الاز لأكل المحمر، ومنه يصنع الرهش، وبعض الناس يلعقون الدبس مع الخبز .

كلمات ومعان
ــــ أفضل وقود لإذابة الذهب نواة البلح.
ــــ نواة التمر دواء، وقهوة، وغذاء للأبقار والأغنام.
ــــ أدوات قطف ثمار النخل : المنجل، العكفة، المسحاة ، الفرون ، الملمص .
ــــ البرحي كلمة عربية معناها المدهش أو العجيب.
ــــ إبعدني عن إخيتي
خذ حملي وحمل أخيتي
بمعنى إبعد العذق عن الآخر تحصل على الخير الكثير.
ــــ بشارة التمر وصل الكرتون بــ150 ريالاً عمانياً.
ــــ المغرس لإخراج التمر من الكلة أو التنكة.
ــــ ديرة الغلا جلابة ، بمعنى أن هذه الديرة غالية ، فيها تمور كثيرة ، والكل يرغب فيها ، تجلب الناس إليها .

أشعار
ــــ النابغة الذبياني يصف النخيل :
صفار النوى مكنوزة ليس قِشرُها
إذا طار قشرُ التمرِ عنها بطائرِ
من الشارعاتِ الماءَ بالقاعِ تستقي
بأعجازها قبل استقاء المحاجِرِ
ــــ قال ابن الرومي يصف التمر «البرفي»
بَعَثْتُ بِبَرة ْفيٍّ جَنيٍّ كَأنَّه
مخازِن تِبْرٍ قَدْ مُلِئْنَ من الشَّهْدِ
مختَّمَةَ الْأَطْرَاف تَنْقَدُّ قُمْصُهَا
عَن العَسَلِ الماذِي والعَنْبَرِ الهِنْدِي
تنَقَّلُ مِنْ خُضْرِ الثِّيَابِ وصُفرهَا
إلى حُمرها ما بين وَشْي إلى وردِ
فَكَمْ لبِثَتْ في شَاهِقٍ لا تُرَى به
ولا تُجْتَنَى باللَّحْظِ إلا من البعدِ
ألذ من السلوى وأحلى من المنى
وأعذب من وصل الحبيب على الصَّدِّ
ــــ التمر يلعب دوراً مهماً في صيانة العين والجلد ، ويقوي البصر.
ــــ أكل التمر على الريق يقتل الدود ، وهو فاكهة وغذاء ودواء وشراب وحلوى .
ــــ لا يعالج المصاب بالتشاؤوم والمزاج العصبي والوهن النفسي إلا بإجباره على الارتماء في أحضان الطبيعة ، والتمر من الطبيعة .

الحنين الى الأيام الخوالي ، يبقى الجامع المشترك بين الرعيل الأول ومن عاش في الكويت ، في عصر ما قبل النفط أو في مرحلة الاستقلال وما بعدها، في هذا اللقاء رحلة مع الذكريات ومع الماضي، نغوص في ثناياه، فنبحث وننقب عنه، مع الذين عايشوه، تسجل لهم صفحات من عبق التاريخ ، ففيه رسالة وعبرة للأجيال.

 

العم د.جاسم المديرس: «كلات التمر» أشبعت المهاجرين سنة المجاعة

اقرأ أيضا بنفس القسم
deneme bonusu
bonus veren siteler
دراسة : يساعد على افراز عوامل نمو الاعصاب و حث المبيض على افراز بويضات عديدة
deneme bonusu
bonus veren siteler
علماء : تعريض الشخص لكميات من حبوب الطلع من نباتات المنطقة التي يعيش فيها تساعد على تكوين أجسام مضادة
deneme bonusu
bonus veren siteler
في إطار الحرص على دعم المبادرات الوطنية التي تسهم في تطوير العملية التعليمية في البلاد.
deneme bonusu
bonus veren siteler
دراسات تشير إلى أهمية صمغ النحل (البروبليس) في مقاومة الالتهابات والتخلص من الخلايا الهرمة وتعزيز الخصوبة