طالت موجة التحول الى العالم الافتراضي كل مناحي الحياة، حتى انتقلت العديد من الجرائم والظواهر السلبية من عالمنا الواقعي الى الشبكة العنكبوتية، ومن ذلك ظاهرة التسول الإلكتروني الذي انتشر بصورة ملحوظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
رغم ان ظاهرة التسول الالكتروني او الافتراضي، ليست جديدة، فقد تزايدت خلال شهر رمضان، على غرار التسول الواقعي، فكما يطرق المتسولون أبواب البيوت وينتشرون أمام المساجد في المناطق السكنية وغيرها، ينتشر المتسولون عبر مواقع التواصل ويرسلون العديد من الرسائل الجاهزة إلى أصحاب الحسابات على تويتر وغيره، لكن الغريب واللافت أن بعض هؤلاء المتسولين يحصلون على أرقام هواتف الآخرين ويرسلون إليهم عبر الواتس أب طلبات للتبرع أو دفع مبالغ لعلاج مرضى أو منكوبين ويرفقون هذه الرسائل بمستندات طبية وأوراق مزورة.
تجارة منظمة
ويبحث المتسول عادة، عن وسائل لاستجداء عطف الناس مستغلاً هذه الاجواء الايمانية والروحانية، والرغبة في عمل الخير.
وبدأت ظاهرة التسول الالكتروني بالانتشار في عدد من وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها، شبكة تويتر وانستغرام، حيث كشفت مصادر مطلعة انها اصبحت اشبه بتجارة منظمة، حيث يقوم المتسول بارسال رسائل على الخاص لعدد من المستخدمين، ويطلب منهم المساعدة المادية او العينية، شارحا حالته، بل ان بعضهم يرفق صورا لاثبات سوء حالته المادية، مبينة ان وسائل التواصل الاجتماعي تتيح للمتسول الوصول لاكبر عدد من المستخدمين وبالتالي تزداد فرصته في الحصول على مبتغاه.
واشارت المصادر إلى أن اغلب الحالات تكون اشبه بعمليات نصب على الناس، حيث لا تحتوي هذه الرسائل على اي معلومات شخصية دقيقة او غيرها، بل ان المتسول يتهرب من الاجابة عن بعض الاسئلة في حال توجيهها اليه للتأكد من مدى صحة ادعائه بالحاجة.
ولفتت المصادر إلى ان ظاهرة التسول الافتراضي، مريحة للمتسولين فهي طريقة يتخفى خلالها المتسول عبر حساب وهمي، حيث يرفع عنه التخفي اي حرج اجتماعي قد يشعر به في حال التسول الواقعي، كما أن التخفي قد يجعله بعيدا نوعا ما عن الملاحقة القانونية، الا في حال اشتكى المستخدم الذي تلقى الرسائل منه.
عابر للحدود
وذكرت أن الميزة الثانية والمهمة تكون بان التسول الافتراضي عابر للحدود والقارات، فقد يقوم العديد من قاطني دول مختلفة بارسال رسائل التسول لمستخدمين في دول اخرى، اضافة الى ميزة اخرى وهي ان التسول الافتراضي يتيح للمتسول فرصة اكبر في شرح حالته وكتابة ما يشاء من عبارات لدغدغة مشاعر متلقي الرسالة.
وقالت المصادر ان ظاهرة التسول الإلكتروني موجودة طوال ايام العام، الا انها تكثر خلال شهر رمضان، وعادة ما تتضمن شرح المتسول لحاجته للتجهيز للشهر الفضيل، مؤكدة ان هناك طرقاً منظمة لمساعدة المحتاجين عبر العمل الخيري، وداعية إلى عدم الالتفات إلى رسائل التسول الالكتروني والإبلاغ عنها.
إلى ذلك طالب قانونيون بتحديث التشريعات لمنع التسول بكل أنواعه، لافتين إلى أن معظم قضايا التسول تنتهي إلى البراءة بسبب قصور التشريعات والثغرات القانونية.
وأشاروا إلى أن بعض المتسولين يرسلون روابط لدفع مبالغ لهم ويسطون على الحسابات البنكية، وهناك قضايا أمام المحاكم بسبب هذا النصب والاحتيال، لافتين إلى أنهم يحصلون على أرقام الهواتف بطرق خفية.. وجرائمهم عابرة للحدود.
رسائل واتس أب
بينت المصادر ان بعض المتسولين احترفوا ارسال رسائل واتس اب عبر استخدام برامج تتيح لهم استخدام ارقام وهمية، وغالبا ما يتم اختيار ارقام من خارج الكويت، لدول محددة، لإيهام متلقي الرسائل ان المتسول من اسرة متعففة لكنه يعيش في دولة تعاني ظروفا قاسية.
أستاذة علم النفس أمثال الحويلة لـ القبس: متسولون بأسماء وهمية لاستدرار العطف
اعتبرت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د. أمثال الحويلة أن معظم عمليات التسول الالكتروني تقوم بها «مافيا منظمة» للحصول على المال، خاصة ان معظم هؤلاء المتسولين يستخدمون أسماء وهمية، ويروجون صوراً ومستندات طبية مزورة وغيرهما لاستعطاف الناس، وقد تكون هناك نسبة ضئيلة للغاية منهم صادقين.
وأشارت الحويلة لـ القبس إلى ان التسول الالكترني انتشر لأسباب عدة، اهمها عدم الردع وعدم الكشف عن هوية المتسولين، مما جعلهم يتمادون، فضلاً عن انه لا يحتاج جهداً، وهو أقل من حيث الملاحقة القانونية، خاصة إذا كان المتسولون من دول أخرى، مستغلين تعاطف الآخرين لطلب المساعدة باستدرار العطف.
وشددت على خطورة ما تحذر منه الجهات المختصة من التبرع لغير الجهات المرخصة، خاصة أن هناك جماعات متطرفة وعصابات منظمة لاستغلال الناس، مؤكدة ان التسول الإلكتروني نصب واحتيال.
وعللت انتشار هذه الظاهرة بجملة أسباب، منها: البطالة والفراغ والشخصية السايكوباثية، التي تستغل تعاطف الآخرين، لافتة إلى ان البعض يستغل أسماء دول تعاني من كوارث او حروب لاستدرار عطف الناس.
ودعت الحويلة الى ضرورة ان يكون الإنسان أكثر وعياً وأكثر في الثبات الانفعالي حتى لا يقع فريسة لمثل هذه العمليات من النصب والاحتيال.
وطالبت المتخصصين في علم النفس والاجتماع بدراسة ظاهرة التسول الالكتروني كونها انتشرت بكثرة، لمعرفة الدوافع علمياً وعبر تحليل نقدي وعلمي، للمساهمة في زيادة توعية الناس تجاه هذه الظاهرة، حيث إنها أصبحت مشكلة اجتماعية وأمنية، مشيرة إلى أن محاربة هذه الظاهرة يجب ألا تكون بالطرق التقليدية كون الذين يمارسونها يستخدمون طرقاً حديثة ومتطورة ومتجددة باستمرار.
المحامي مصطفى يوسف لـ القبس:مرتكبو التسول الإلكتروني يُحاكمون بجرائم «النصب»
أكد المحامي مصطفى ملا يوسف أن المحاكم لم تشهد أي قضية للتسول، سواء التسول الإلكتروني أو التسول في الأماكن العامة، وذلك لأنها تعتبر مخالفة تقوم الداخلية بمكافحتها من خلال إبعاد مرتكبي هذه المخالفة، ولا تعتبر جريمة بنص قانوني حتى يُحاكم مرتكبوها.
وأشار إلى أن قيام البعض بالتسول الإلكتروني من خلال الإعلان عن حفر آبار أو تبرعات وهمية تتحول إلى جرائم نصب وليس تسولاً، ولذلك تتم محاكمة المتهمين من هذا الباب.
وخلص إلى أن جرائم النصب في ازدياد، سواء في التسول الوهمي أو من خلال الإعلان عن بيع مستلزمات بأسعار زهيدة، أو من خلال الاشتراك في مسابقات ليس لها وجود. وختم مصطفى قائلاً: البعض ممن يمتهن التسول الإلكتروني يعتقد أنه في مأمن من خلال أرقام مسجلة بأسماء آخرين أو من خلال حسابات وهمية بمواقع التواصل، ولا نجزم بأن كان البعض منهم محتاجاً بالفعل، لكن الآخرين يمتهنون النصب. وذكر أن مرتكبي التسول الإلكتروني يُحاكمون بجرائم «النصب».
6 عوامل وراء انتشار التسول الإلكتروني
1 - قدرة المتسولين على انتحال أسماء وهمية
2 - انخفاض المخاطرة ونسبة الملاحقة القانونية
3 - الوصول لأكبر شريحة من الناس
4 - يتيح استدرار العطف عبر رسائل ومستندات
5 - طريقة تسول عابرة للحدود وبأقل مجهود
6 - ضعف العقوبات ونقص التشريعات
إبعاد 150 متسولاً في عامين.. غالبيتهم نساء
أكد مصدر أمني أن وزارة الداخلية تواصل الجهود للتصدي لظاهرة التسول، مشيرا إلى إحالة أي وافد يقدم على التسول إلى سجن الإبعاد على الفور، وسيتحمل كفيله المسؤولية القانونية عن ذلك، بينما سيوضع كفلاء المتسولين على لوائح القائمة السوداء بحيث لا يسمح لهم بعدها بكفالة أي شخص مطلقا.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية وضعت خطة محكمة للتصدي لظاهرة التسول، بمشاركة مختلف قطاعات وزارة الداخلية وفي مقدمتها الإدارة العامة لمباحث شؤون الاقامة، والادارة العامة للمباحث الجنائية، لافتة إلى تشكيل فرق خاصة لضبط المتسولين.
ولفت إلى أن الشرطة النسائية تشارك في التصدي لظاهرة التسوُّل الرمضاني، وتم توزيع رجال الأمن بزيهم المدني على الأماكن التي يكثر فيها التسوُّل، خاصة المناطق التجارية ودور العبادة والأسواق الكبرى.
وكشف المصدر عن إبعاد نحو 150 متسولاً، أغلبهم من النساء، خلال العامين الماضيين 2021، 2022، وذلك عقب ضبطهم في الأسواق والمقاهي، خصوصاً خلال الشهر الفضيل، حيث يستغل غالبيتهم الأجواء الروحانية للشهر الفضيل.
bonus veren siteler
bonus veren siteler
bonus veren siteler