أجّلت محكمة الجنايات برئاسة المستشار فيصل الحربي أمس، قضية «الصندوق الماليزي» إلى 31 يناير للمرافعة النهائية، بعد أن استمعت إلى مرافعة النيابة العامة، التي طالبت بإنزال أقصى عقاب ضد المتهمين، بوصفها الجريمة بأنها أكبر عملية غسل أموال في العصر الحديث، حاول المتهمون فيها توزيع الأموال لجهات عدة، لتمويه جريمتهم.
وقال مدير نيابة الأموال العامة حمود الشامي، في مرافعته أمام محكمة الجنايات، إن المتهمين استخدموا نفوذهم واخترقوا القوانين وقاموا بغسل الأموال، من خلال مشاريع وهمية لا تمت لأرض الواقع بصلة، وحين سؤالهم عن مشروعية تلك الأموال قدموا عقوداً استشارية، وعن سؤالهم عن تلك الاستشارات لم يكن لديهم جواب، ليتبيّن أن تلك العقود ما هي إلا تمويه لعملية غسل الأموال.
وتساءل الشامي أمام المحكمة: «كيف لشركة أنشئت منذ شهر ويملكها المتهم الأول ورأسمالها 1000 دينار، أن تستقبل تحويلاً بمليار دولار؟».
وأضاف أن «المتهم الأول تسلم عمولة 15 مليون دينار من عملية غسل أموال واحدة، وحوّل لولديه 6 ملايين منها»، لافتاً إلى أن «ديننا شرّع بأن أي لحم ينبت من مال حرام فالنار أولى به».
وأشار إلى أن المتهم الثاني دَرَس مع «جو لو» في نفس الجامعة، حيث إن الأخير مطلوب حالياً من 30 دولة، وقام المتهم الأول باستخراج فيزا له إلى الكويت في 2016 واستقبله في منزله، وبدأوا التخطيط لغسل الأموال وبعدها اجتمعوا في الصين.
جماعة إجرامية منظمة
وقال الشامي ان المتهمين شكلوا جماعة إجرامية منظمة، ارتكبوا جريمة غسل الأموال بالعملة الصينية بما يعادل 343 مليوناً و700 ألف دينار، مع علمهم أنها أموال محصلة من جرائم وسرقة أموال، واستثمارات الصندوق السيادي الماليزي، والتي تلقاها واكتسبها المتهم الأول من قبل شركة في هونغ كونغ، على أنها عمولة مفروضة لصالح الشركة المملوكة له، عن عقد أعمال استشارات مقاولات مؤرخ بـ 22 /7 /2017، لتنفيذ مشروع «طريق الحرير»، والذي أعده له المتهمان الثاني والثالث زوراً، وعلى خلاف الحقيقة، دون أن يقابله أي أعمال حقيقية، وحاز المتهم الأول هذه الأموال بحساباته المصرفية للشركة المملوكة له، وحساباته الشخصية لدى بنك (... و... ) المتواجد في دولة الكويت، واستخدمها المتهم الأول في اجراء تحويلات، عبر شبكة معقدة من العمليات المالية بين حساباته، وحساب شركة في جزر كايمن ماليزيا، كما أجرى تحويلاً بمبلغ 200 مليون من جملة المبلغ الأساسي إلى شركة أخرى في ماليزيا، بقيمة عقد شراء أسهم مؤرخ في 24 /8 /2017، والذي أعده زورا لهذا الغرض.
6 ملايين إلى النجلين
كما أجرى المتهم الأول تحويلات من حساباته وحسابات شركات مملوكة له، الى مكاتب محاماة وغيرها من الأعمال الخاصة بالمتهم الخامس، عطفاً على ملاحقته دولياً على ذمة سرقة أموال الصندوق الماليزي، واختص لنفسه 15 مليون دينار من أموال محل الجريمة، بالإضافة لتحويله 6 ملايين إلى حسابات نجليه حسني النية، و10 ملايين إلى حساب المتهم الثاني نصيباً له محل الجريمة، كما ارتكبوا تزويراً في محررين عرفيين بقصد استعمالهما، وهما عقد استشارات المقاولات المبرم بين شركة المتهم الأول وشركة صينية، وعقد شراء أسهم لشركة أسهم ماليزية، وكان ذلك بجعل واقعة مزورة بصورة واقعة صحيحة، مع علمهم بتزويرها بأن اثبتوا فيها أحقية شركة المتهم الأول والشركة الصينية لتطوير الخدمات على خلاف الحقيقة.
فيتامين وفولاذ
وأكد الشامي أن المتهمين الأول والثاني، موّها معاً طبيعة تلك الأموال واظهراها زوراً على شكل عقود أتعاب اقتصادية، من دون أن يقابلها أي عمل حقيقي، وحول المتهمان مبلغ 998 ألف دينار إلى حسابات المتهم الثالث كنصبيب له من المبلغ محل الجريمة، فاكتسب وأحاز المتهمان الثاني والثالث تلك الأموال في حساباتهما واستخدماها في تحويلات مالية خاصة بهما، وكان ذلك كله بغرض إخفاء المصدر غير المشروع للأموال محل الجريمة وطبيعتها الحقيقة.
وأضاف أن المتهمين الأول والرابع ارتكبا جريمة غسل أموال بمبلغ ما يعادل 21 مليون دينار مع علمهما أنها أموال متحصلة من جرائم سرقة أموال مرتبطة باستثمارات الصندوق السيادي الماليزي، واكتسباها لشركة في هونغ كونغ على أنها عمولة مقبوضة لصالح شركة خليجية عن عقد توريد مادتي فيتامين وفولاذ، وأعداه زوراً لهذا الغرض، دون أن يقابله أي أعمال حقيقية وحازا تلك الأموال بحسابات الشركة لدى البنك (...) في الكويت، واستخدامها في تحويلات معقدة، بغرض اخفاء المصدر غير المشروع لتلك الأموال، كما ارتكابا التزوير في محررات رسمية وبجعلها واقعة مزورة من واقعة صحيحة، على خلاف الحقيقة.
جريمة أمن قومي
ولفت الشامي إلى كون المتهمين كويتيين، باشروا نشاطاً من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، بأن شكلوا جماعة إجرامية منظمة، تهدف الى ارتكاب جرائم غسل أموال، من خلال تدوير متحصلات جرائمهم، عبر نظام مصرفي بدولة الكويت، مستغلين ذات النظام كمحطة موقتة تمهيداً لتحويلها الى خارج البلاد بما يقوض أنظمة رقابة الدولة على تلك التعاملات وتدابيرها المتعلقة بالكشف عن عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكان من شأن ذلك تعريض الدولة لمخاطر التقييم الدولي الشامل لأنظمة مكافحة غسل الأموال والإضرار بمركزها المالي وتصنيفها الائتماني.
وخلص ممثل النيابة إلى أن هذه الجريمة تضر بالأمن القومي والاقتصاد الوطني، وطالب بإيقاع العقوبات المنصوص عليها في قانون غسل الأموال وحبس المتهمين.