أفادت شبكة «بلومبيرغ» الإخبارية بأن الاحتباس الحراري يُفاقم ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، مضيفةً أن الكويت التي تعتبر واحدة من أكثر البلدان حرارة على الكوكب، سرعان ما أصبحت غير صالحة للعيش في 2016، حيث وصلت درجة الحرارة 54 درجة مئوية، وهي أعلى قراءة على الأرض في آخر 76 عاماً.
وبيّنت أنه في العام الماضي، وللمرة الأولى، اخترقت الحرارة 50 درجة مئوية في يونيو، قبل أسابيع من ذروة الطقس المعتادة.
ووفقاً للهيئة العامة للبيئة، قد ترتفع درجة الحرارة في أجزاء من الكويت بمقدار 4.5 درجة مئوية من عام 2071 إلى 2100 مقارنة بالمعدل الوسطي التاريخي، ما يجعل مناطق واسعة من البلاد غير صالحة للسكن.
وعلى عكس دول أخرى مثل بنغلاديش والبرازيل التي تكافح لموازنة التحديات البيئية مع تزايد أعداد السكان وانتشار الفقر، فإن الكويت المصدّر الرابع للنفط في منظمة أوبك، ولديها ثالث أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، فيما يزيد عدد سكانها على 4.5 مليون شخص.
وترى «بلومبيرغ» أن نقص الموارد ليس ما يقف في طريق خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع كوكب أكثر دفئاً، بل بالأحرى التقاعس السياسي.
إجراءات مناخية
ولفتت «بلومبيرغ» إلى أنه حتى الدول المجاورة للكويت التي تعتمد أيضاً على صادرات النفط الخام، تعهدت باتخاذ إجراءات مناخية أقوى، إذ صرّحت السعودية العام الماضي أنها ستستهدف صافي انبعاثات صفرية بحلول 2060، فيما حددت الإمارات هدفاً بحلول 2050.
ورغم أنهما لا تزالان من بين أكبر منتجي الوقود الأحفوري، يقول كلاهما إنهما يعملان على تنويع اقتصاداتهما والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وطاقة أنظف.
على النقيض من ذلك، تعهدت الكويت في قمة المناخ (كوب 26) في نوفمبر بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 7.4 في المئة بحلول 2035، وهو هدف أقل بكثير من نسبة الخفض البالغة 45 في المئة اللازمة لتحقيق هدف اتفاقية باريس الممتد للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية بحلول 2030.
ويستثمر صندوق الثروة السيادي للكويت البالغ 700 مليار دولار بهدف محدد هو التحوط أمام النفط، لكنه بين أن العائدات تظل أولوية مع تحوله نحو استثمار أكثر استدامة.
ونقلت «بلومبيرغ» عن الزائرة الأكاديمية في جامعة أكسفورد التي تدرس عن دول الخليج منال الشهابي، قولها: «مقارنة ببقية دول الشرق الأوسط، الكويت متأخرة فيما يتعلّق بالمناخ. التعهدات المتعلقة بالمناخ في الكويت لاتزال أقل بكثير».
وذكرت «بلومبيرغ» أن الكويت ورغم أن معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد فيها بين الأعلى في العالم، إلا أن فكرة التخلي عن السيارة غريبة تماماً على معظم السكان في بلد سعر البنزين فيه أرخص من «كوكاكولا»، ومدنها مصممة للسيارات.
وأظهر استطلاع لكلية لندن للاقتصاد أن السكان الأكبر سناً مازالوا متشككين في الضرورة الملحة لمواكبة التغير المناخي، في حين تحدث البعض عن مؤامرة لتقويض اقتصادات الخليج.
وفي استطلاع عام، عارض كل مَنْ تجاوز عمره الخمسين خططاً لبناء شبكة مترو مثل تلك التي تعمل بالفعل في الرياض ودبي، في حين يرى القطاع الخاص في تغير المناخ مشكلة تتطلب من القيادة الحكومية حلها.
وترى «بلومبيرغ» أن معظم الكويتيين والمقيمين الأثرياء محصنون من آثار ارتفاع درجات الحرارة، فالمنازل ومراكز التسوق والسيارات مكيفة، ومَنْ يستطيع تحمل تكاليف السفر والعطلات، يقضي الصيف في أوروبا.
ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير على أنظمة التبريد والمكيفات يزيد أيضاً من استخدام الوقود الأحفوري، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة باستمرار.
وأشارت إلى أن الوضع أسوأ بكثير بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون الهروب من الحر، وخاصة العمال من البلدان النامية. مبينة أنه ورغم أن الحكومة تحظر العمل بعد الظهر خلال أشهر الصيف الحارة، غالباً ما ترى العمالة الوافدة تكدح في الشمس.
ووجدت دراسة نُشرت في Science Direct العام الماضي أنه في الأيام الحارة للغاية، يتضاعف العدد الإجمالي للوفيات، لكنه يتضاعف ثلاث مرات عند غير الكويتيين.
من جانبها، قالت «فيتش» إنه سيكون للتغيرات في درجات الحرارة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الحالي تأثير سلبي متزايد على الجدارة الائتمانية للكويت.
ورغم المخاطر المتزايدة، فإن الخلاف بين مجلس الأمة والحكومة جعل من الصعب المضي قدماً في الإصلاحات، في شأن المناخ أو أيّ شيء آخر.
وضع أفضل
وتقول، مستشارة في مجال البيئة وتعمل مع المركز البريطاني للبيئة ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سامية الدعيج: «المأزق السياسي في الكويت يهيمن على كل شيء.
هذا بلد غني للغاية، بعدد سكان صغير جدا، لذلك يمكن أن يكون وضعه أفضل بكثير».
وحتى الآن، كان هناك تقدّم ضئيل في خطط إنتاج 15 في المئة من طاقة الكويت من مصادر متجددة بحلول 2030، في حين يتم اليوم إنتاج 1 في المئة كحد أقصى.
النفط وفير للغاية لدرجة أنه يتم حرقه لتوليد الكهرباء، واستخدامه كوقود لمليوني سيارة على الطريق، مما يساهم في تلوث الهواء.
طارق سلطان: أسعار تقنيات الطاقة الشمسية المرتفعة تُضعف قدرتها التنافسية
قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة أجيليتي طارق سلطان: «واضح أن هذا يؤدي إلى الكثير من الهدر.
عندما يتم دعم أسعار الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري، فإن الأسعار المرتفعة لتقنيات الطاقة الشمسية تؤدي إلى إضعاف القدرة التنافسية لهذه التقنيات التي يمكن أن توافر حلولاً ذات جدوى».
ولفت إلى أنه حتى لو تمكّن العالم من خفض الانبعاثات بسرعة كافية لدرء الاحتباس الحراري الكارثي، فسيتعيّن على البلدان التكيف مع الطقس الحار، ويقول الخبراء إن خطة الكويت ليست قريبة بما يكفي لإبقاء البلاد قابلة للعيش.
من ناحيته، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية خالد مهدي، إن خطة الحكومة للتكيف تتماشى مع السياسات الدولية، مضيفاً «نُحدد بوضوح الأدوار والمسؤوليات، وجميع التحديات في البلاد»، وذلك رغم اعترافه بأن التنفيذ هو التحدي المعتاد.
bonus veren siteler
bonus veren siteler
bonus veren siteler
bonus veren siteler