عقدت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ندوة بعنوان «المشكلات التي تواجه العاملين في مجالات أمراض النساء والولادة، وطفل الأنابيب من الناحية الأخلاقية، مما يظهر أثناء الممارسات، ولم يسبق النظر فيه، والاجتهاد الفقهي حوله» في مقر المنظمة بالكويت، وعبر نظام الزووم. وقد شارك في الندوة جمع من الفقهاء، وكذا من الأطباء المهتمين والمختصين بمحاور مواضيع الندوة.
وقد عرض على الندوة الأسئلة الآتية:
السؤال الأول: إذا وافق الزوجان على عملية إجراء التلقيح خارج الرحم - التخصيب
٭ ثم حدثت خلافات بعد ذلك،
٭ أو غاب الزوج بسبب السفر فترات طويلة،
٭ أو سُجن أو أُسر أو مات.
٭ أو وقع الطلاق أو طلقه القاضي بناء على طلب الزوجة،
٭ ثم عاد الزوج، فما الحكم بالنسبة لما تم من التخصيب (اللقيحة)، أو ما تم من إدخال اللقيحة في الرحم؟
٭ وما حكم الزوج إذا عاد وزوجته قد تزوجت غيره؟
٭ وهل يحق لها أن تحتفظ باللقيحة بعد عودته، أو بعد زواجها؟
٭ وما الحكم في نسب المولود؟
وانتهى المشاركون إلى التوصية الآتية:
أولا: إذا وافق الزوجان على عملية التلقيح خارج الرحم ثم حدث خلاف - بما لا صلة له بالتلقيح - فلا يجوز إدخال اللقيحة إلا برضا الزوجين وحال قيام الزوجية.
ثانيا: الحكم في إكمال الزوجة التخصيب - بوضع اللقيحة - حال غياب الزوج
إن تصرف الزوجة بإكمال مرحلة التلقيح الصناعي حال غيبة الزوج، يختلف حسب نوع الغيبة، فينظر في غيبته، فقد تكون غيبة قصيرة أو طويلة، أو غيبته لسبب فقد يكون أسيرا، أو مفقودا أو علم موته.
فإن علم موته فلا يجوز استكمال الزوجة عملية التلقيح بإدخال اللقيحة في رحمها، لأن العلاقة الزوجية قد انقطعت بالموت، فتصير كالمطلقة البائن بوفاة زوجها، ويصبح الزوج الميت أجنبيا عنها وتكون اللقيحة تابعة لرجل أجنبي عن المرأة، فلا يجوز لها التلقيح بها، وأما إذا لم يعلم موته، وسواء أكانت غيبته قصيرة أم طويلة أم كان أسيرا أم مفقودا، فمقتضى كلام الفقهاء أن العلاقة الزوجية مازالت قائمة، لأن المتفق عليه أن امرأة المفقود تبقى على عصمته إلى أن يموت، أو يطلق، أو يصدر بالفرقة حكم قضائي، ولم يحدث من هذا شيء، فلها أن تتم عملية حقن اللقيحة في رحمها دون إذن الزوج، هذا ظاهر ومقتضى كلام الفقهاء، ولكن الذي رآه العلماء المشاركون لخصوصية موضوع التلقيح الصناعي، أن هذا التصرف مما لا يجوز أن تقدم عليه الزوجة إلا بعد إذن جديد من الزوج، وإن كان سبقت موافقته - استنادا إلى أن ما ستقدم عليه الزوجة من الأمور المهمة المتعلقة بالذرية، وكل ما كان كذلك فيحتاج إلى رضا الطرفين، وخاصة أن الزوج مع الغيبة سيتحمل تبعات في هذا الشأن، فيحتاج إلى تجديد رضاه وقبوله لئلا تتهم الزوجة بالحمل السفاح، كما أن للغيبة ظرفها الذي يجعل الزوج يعدل عما سبق أن وافق عليه، ولما تتم عملية الحقن بالرحم بعد. فالذي يظهر عدم جواز إتمام عملية التلقيح الصناعي حتى يصلها موافقته صراحة. ويؤيد الإذن الجديد ما عليه العمل بشأن التلقيح الصناعي وهو اشتراط الرضا وحضور الزوجين في مرحل التخصيب ومرحلة إدخال اللقيحة في رحم الزوجة، وهذا ما ترى الندوة اشتراطه في إجراءات التلقيح الصناعي لطفل الأنابيب.
ثالثا: الحكم في ثبوت النسب
لا يثبت النسب في حال إجراء التلقيح الصناعي - بإدخال الزوجة اللقيحة في رحمها بعد وفاة الزوج. أو بعد خروجها من العدة، لانتفاء العلاقة الزوجية، ما لم يتم التلقيح حال عدم علم الزوجة بوفاته، أو تم مع جهلها بالحكم حال الخروج من العدة.
رابعا: الحكم في أثر عودة المفقود وقد تزوجت زوجته غيره
إذا تزوجت امرأته في غيبته، أيا كانت غيبته بعد الحكم بفقده ثم ظهر المفقود حيا بعد الحكم باعتباره ميتا، فإذا عاد زوجها فهو أحق بزوجته إذا لم يتم الدخول بها. فإن تم دخول زوجها الثاني فلا ترجع إلى الأول.
خامسا: الحكم في حق المرأة في الاحتفاظ باللقيحة بعد زواجها
اللقيحة المخصبة، - والحال أنها مازالت مجمدة، - بعد عودة المفقود وتزوج المرأة غيره وبعد الدخول، فلا يجوز لها ولا الزوج الأول التصرف في اللقيحة المخصبة قطعا، والواجب على كل منهما مجتمعين أو منفردين الذهاب إلى الجهات المعنية، وطلب إتلاف اللقيحة فورا.
طلب ذوي الإعاقة
السؤال الثاني: هل تجوز الموافقة على طلب أهل الزوجين عن ذوي الإعاقة - أو أحدهما - التلقيح خارج الرحم، والتوقيع عنهما، مع قدرة الزوجين المعاقين أو أحدهما على الفهم المستنير وإبداء الرأي، وما الحكم إذا كان الزوجان أو أحدهما غير قادرين على الفهم المستنير وإبداء الرأي.
وصورة المسألة: ان المعاقين أو أحدهما يرغبان في الولد، وتحول دون ذلك موانع من الطرفين أو أحدهما، وقرر المختصون أن التلقيح الصناعي لطفل الأنابيب يصلح لها لتحقيق هذه الرغبة.
وبعد عرض الأوراق البحثية المقدمة وما دار حولها من نقاش مستفيض انتهى المشاركون إلى التوصية الآتية:
تتوقف الموافقة أو الرفض على الشروط الآتية:
1- ضرورة عرض الرجل والمرأة على لجنة مكونة من استشاري أمراض وراثية واستشاري أمراض عصبية.. لتقرير مدى صلاحيتهما للزواج.
2- ضرورة فحص كل منهما للتأكد من خلوهما من الأمراض الوراثية التي يمكن أن تنتقل إلى الذرية.
3- يجب فحص الحيوانات المنوية والبييضة للتأكد من خلوهما من الأمراض الوراثية.
4- ويجب أيضا توافر شروط عقد الزواج المعهودة، مع إضافة شروط يقتضيهما حال الإعاقة وهي: علم أو إخبار الطرف الآخر بالإعاقة ودرجتها، لأن الإعاقة عيب فيجب إظهاره.
5- وألا يكون المعاق عدوانيا لمنافاة هذا الوصف حال الزواج الآمن والمحقق للطمأنينة.
6- وعلى أن يراعى مصلحة الطفل وأن يوجد من يرعاهما من الأهل أو غيرهم. وفي حالة عدم التزام والدي المعاقين بالشروط السابقة وزوّاجاهما، وأنجبا طفلا فعلى الجهات المسؤولة أخذ الإقرارات اللازمة لحماية المولود وتوفير الرعاية الكاملة.
الغُسل بعد التلقيح الصناعي
السؤال الثالث: بعد مرحلة التخصيب في عملية التلقيح الصناعي لطفل الأنابيب، هل يجب على الزوجين الغسل. وهل يجب الغسل على الزوجة بعد وضع اللقيحة في رحمها.
انتهى المشاركون إلى التوصية الآتية:
لا يترتب الغسل عليهما، ما لم يكن استخراج المني أو البييضة قد تم استخراجه بطريق تستدعى فيه الشهوة.
ماذا إذا رفض الزوج
السؤال الرابع: هل يحق للزوج أن يرفض عملية التلقيح الصناعي - سواء أنجب من زوجة غيرها أو لم ينجب - مع عدم وجود مانع من إجراء العملية ماديا أو غير مادي - في حين أن الزوجة تشتاق للإنجاب، وهل يعتبر ذلك مسوغا شرعيا لطلب الزوجة الطلاق من الزوج أو من القاضي.
وبعد عرض الأوراق البحثية المقدمة وما دار حولها من نقاش مستفيض انتهى المشاركون إلى التوصية الآتية: إن الإنجاب حق مشترك بين الزوجين، فليس لأحدهما منعه بغير رضا الآخر، ولذا لا يجوز لأحد الزوجين أخذ مانع للحمل دون علم وإرادة الآخر، وإذا تعين من تقارير المختصين أن التلقيح الصناعي الطريق الوحيد للحمل سواء أكان عدم الحمل بسبب من الزوج أم من الزوجة أم منهما، فعلى كل منهما أن يستجيب لرغبة الآخر بعمل التلقيح الصناعي ما دام قادرا على أعبائه المادية له أو لزوجته. فموافقته مطلوبة ومرغوبة ولكنه غير ملزم شرعا بحيث يقال: إنه يأثم لرفض إجراء العملية، فإن هذا من جملة التداوي، وهو مستحب غير واجب - على الراجح -، وأما طلب الزوجة الطلاق، فالأصل ان رفض الزوج هذا لا يعتبر مبررا لطلب الطلاق، ولكن لما كان طلب الذرية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وقد تكون في المرأة والحال هذه رغبة شديدة، خاصة إن كان العيب ليس منها، فإن أصبح هذا همها ومحل تفكيرها وقد يصل إلى كدرها وضيق نفسها بما قد يسبب لها كآبة مما يعد مرضا نفسيا أو نحوه، فهذا من الضرر المتحقق، والضرر في الشرع يزال، ولا ضرر ولا ضرار، فلها أن تخير الزوج بين طلاقها أو الموافقة على إجراء عملية التلقيح لطفل الأنابيب، فإن أجابها الزوج وإلا رفعت أمرها إلى القضاء.
إصابة الحامل بـ «كورونا»
السؤال الخامس: آثار الإصابة بمرض الكورونا (كوفيد -19) على المرأة الحامل
رأت الندوة تأجيل الموضوع لتخصيص ندوة مستقلة، نظرا لأهميته، ولتشعباته الطبية، ولقلة الأبحاث والدراسات العالمية المحكمة المنشورة في المجلات العلمية حول هذا الموضوع.