حنان الفارس
طلب الوالي
حصيراً من الخادم ففزع الخادم ، و ضج القصر بالصراخ و الأنين ، و أجهضت الخادمة
الجالسة في الغرفة السفلية ، و الرجل المسن الجالس على عتبة باب المسجد ركض لداره
و أغلق الباب بإحكام فالآن سوف تصدر الأحكام ، وقف الوالي على المنصة ، فأدرك
الحجر ما هي القصة "سوف تصدر الأحكام”
و لكن ماهي
التهمة ؟
لا تهمة … ولا
ذنب..
فهل هناك حكم
بلا ذنب ؟
لماذا طلب
الوالي حصيراً ؟! تساؤلات تجر في ذيلها تساؤلات …..
الحصير الذي يملكه
الفقراء المعدومين المشردين في بقاع الأرض المنفيين من الإنسانية ، الحصير مرقع
بعرق المكافحين المجتهدين ، قال الوالي:
” بِسْم الله الرحمن الرحيم”
أأتوا لي
بحصيركم لأرى لماذا تزورني في أحلامي ، فحصيركم أقلق منامي ، فكل ليلة يأتي و يبكي
أمامي ، و يصرخ كفى طغيانًا و حرمانًا ، أرتبك مفتي البلاد ، و اعتبر هذا الحلم
الحاد ، فكيف الحصير الحقير و هو الشعب العظيم ينطق حتى بالأحلام ، فهذا جرم لا
كفر لا لا لا طبعًا الحاد .
قال المفتي :
سيدي شعبك العظيم لا يملك حصير فكل ما يملكه حريرًا بحرير ، فانظر لوجوههم
فالسعادة تشع بريقًا من أعينهم ، حتى ظننت أن الشمس تسجن في محاجرهم.
ابتسم الوالي .
صاح الطفل
الجالس في آخر الصفوف : هذا كلام كله كذب و افتراء ، فلم أرى الحرير إلا على
أجسادهم ، و لم أذق الطعام الشهي لأن لذته رحلت مع فسادهم .
يسرقوننا في
الصباح و في المساء يتمايلون على أوجاعنا ، هذا حصيري في يدي فاجعله يعبر عن مافي
قلبي .
نطق الحصير و
قال: ولي البلاد المنزه من أوجاعنا ، أنا مخروم بالفقر و الألم ، أنا من صنعتني
امرأة كانت من عامة الشعب لأكون لها استقرارًا ، وعندما نامت سرقني رجلاً وجه مليء
بالثقوب ، سرقني لينام في حضني بسلام وراحة يا للعجب فالسارق ينام قرير العين و
المرأة التي تعبت في صنعي تنام مرتعبة ( تناقض غريب( !
مرت الأيام و
سرقني طفلاً قصير القامة عندما كان الرجل ذاهبًا يبحث عن سرقة جديدة ، و أيضاً نام
بحضني براحة و طمأنينة كأن السرقة أصبحت لهم شريعة ، و أصبحت أتنقل من سرقة إلى
سرقة كبرى .
تعبت … ذابت
خيوط الصبر .. تغير لوني ، و عندما انتهت مدة عمري رموني ، و هذا الطفل أتى بي
لأكون شاهدًا ، ولعل شاهدتي تنقذني .